يُشير مفهوم الرومنطيقية أو الرومانسية لغةً إلى كلمة رومانس التي تعود في أصلها إلى اللغة الإنجليزية، ومعناها الرواية أو القصة التي تتضمَّن مغامرات خيالية وعاطفية بعيدًا عن أطُر الرغبات العقلية والأسلوب الكلاسيكي، أمَّا مفهومها اصطلاحًا فالرومنطيقية: أحد المذاهب الأدبية التي تُولي اهتمامًا كبيرًا بالإنسان وما يعجُّ في نفسه من مشاعر وعواطف وخيالات بغض النظر عن طبيعة الإنسان ومعتقداته، مع التركيز على فصل الأخلاق عن الأدب وبساطة الأفكار والتعابير والاستجابة لأهواء النفس وجعلها على سجيتها، وقد ضمَّ هذا المذهب في أوروبا جميع التيارات الفكرية التي سادت في آخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، رغم أنَّ الكتاب على مرِّ العصور أظهروا ميولًا إلى الرومنطيقية.
نشأة الرومنطيقية
ما العوامل التي أسهمت في نشأة الرومنطيقية في أوروبا؟ كانت بدايات المدرسة الرومنطيقية على يد أحد الكتاب الفرنسيين في عام 1776م، عندما قام بتقديم ترجمة لمسرحيات وليم شكسبير إلى اللغة الفرنسية، وأشار في التقديم إلى الرومنطيقية كمصطلح في النقد الأدبي، وكان الناقد الألماني فريدريك شليجل هو أوَّل من جعل الرومنطيقية نقيضًا للكلاسيكية، وفيما بعد بدأت تأخذ شكلها المستقل وتبلورت كمذهب أدبي، فقد ظهرت الرومنطيقية في الأدب الغربي بعد قرن ونصف من ظهور الكلاسيكية، فكانت ثورة على أصول وقواعد الكلاسيكية، ومن أهمّ العوامل التي أسهمت في نشأتها في فرنسا هجرة كبار الكتاب والمفكرين فيها إلى ألمانيا وإنجلترا خلال الثورة الفرنسية، ما أدى إلى تأثرهم بآداب تلك الدول، مثل شاتوبرايان الذي ترجم الفردوس المفقود لجون ميلتون.
هل تختلف الرومنطيقية العربية عن الرومنطيقية الغربية؟
لا تختلف الرومنطيقية في الأدب العربي عن مثيلتها في الأدب الغربي، إذ تعدُّ امتدادًا لها تُحاكيها في مختلف الصفات والأهداف والمبادئ، وقد ظهرت في الرومنطيقية العربية مدارس عديدة منها مدرسة الديوان التي انتقد أصحابها شعر ومسرحيات أحمد شوقي ونثر المنفلوطي نتيجة التأثر الكبير بالرومنطيقية الغربية، وقد تأثر شعراء الرومنطيقية العرب بشعراء الرومنطيقية في الغرب وخصوصًا الشعراء الإنجليز منهم وأهمُّهم: ورد زورث، شيلي، بيرون، كيتس وغيرهم، كما أسهمت هجرة الشباب إلى أوروبا من أجل العمل أو الدراسة بظهور الرومنطيقية، لذلك كان لأدب المهجر أثر كبير في نقل أفكار الرومنطيقية إلى الأدب العربي. كما أسهم الشعر المترجم من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربي إلى شيوع أفكار المدرسة الرومنطيقية في الأدب العربي، وأهم الشعراء الذين بدأوا بترجمة الشعر الغربي: عباس محمود العقاد، وإبراهيم عبد القادر المازني، وعبد الرحمن شكري، ولا شكَّ أنَّ الرومنطيقية العربية ظهرت متأخرة عن الرومنطيقية الغربية بكثير، إذ يقال إنَّها ظهرت عام 1932م بظهور مجلة أبولو، لكنَّ البعض يرفض ذلك ويشير إلى أنَّها ظهرت قبل مجلة أبولو بسنوات عديدة بينما في أوروبا كانت ظهرت في نهاية القرن الثامن عشر.
المراجع:
كتاب الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة.
عبد الحفيظ محمد حسن، الرومانسية في الشعر العربي المعاصر شعر أبي القاسم الشابي نموذجا، صفحة 14.