العهود أمر محوري في خطط الله. وهي تمثل الوسائل التي من خلالها تتكشف مقاصد الله من جهة ملكوته. فإن العهد هو اتفاق أو معاهدة رسمية بين طرفين، يتضمن التزامات وقواعد. والغالبية العظمى من العهود في الكتاب المقدس: (1) غير مشروطة، أو غير قابلة للإلغاء؛ إذ بمجرد إبرام العهد، لابد أن يتحقق، و(2) توصف بأنها أبدية. من بين العهود غير المشروطة: العهد النوحي، والعهد الإبراهيمي، والعهد الكهنوتي، والعهد الداودي، والعهد الجديد. كان العهد المشروط والمؤقت الوحيد هو العهد الموسوس. تسمى هذه العهود عهودًا كتابية لأنها موجودة بشكل واضح في الكتاب المقدس. ويمكن فهم وخطط عهود الله عن طريق دراسة هذه العهود الكتابية.
يؤكد بعض علماء اللاهوت على وجوب فهم هذه العهود الكتابية من خلال عهود مستمدة من افتراضات لاهوتية. يشير اللاهوت العهدي إلى ثلاثة عهود، وهي: (1) عهد الأعمال، (2) عهد النعمة، (3) عهد الفداء. في حين ربما ترتبط بهذه العهود اللاهوتية بعض الحقائق، مثل وضع الله خطة خلاص منذ الأزل، وتعامله مع شعبه على أساس النعمة بعد سقوط آدم. إلا أن هذه ليست عهودًا فعلية موجودة في الكتاب المقدس؛ ويعد إدراجها ضمن دراستنا لبرنامج الله العهدي إضافة إلى ما قاله الكتاب المقدس بوضوح، وقد تؤدي إلى تشويش، وإلى تبنّي آراء خاطئة.
فربما تغيّر تلك العهود التي يُستدل عليها من خلال افتراضات واستنتاجات لاهوتية، والمُقحمة على العهود الكتابية، من الإعلان الذي قصد الله أن يقدمه. على سبيل المثال، اعتاد اللاهوت العهدي استخدام فكرة عهد النعمة، التي جاء بها من خارج الكتاب المقدس، لإنكار تفرقة الكتاب المقدس بين إسرائيل والكنيسة. فهو يزعم أنه إذا كان جميع البشر يخلصون بالنعمة وحدها بالإيمان وحده، فلا يمكن إذن أن يوجد تمييز بين إسرائيل والكنيسة. ليس هذا الاستنتاج صحيحًا. فكثيرًا ما أدى هذا الإصرار على عهد النعمة إلى تبني الفكر الخاطئ الذي يسمى “لاهوت الاستبدال” أو “الاستبدالية”، الذي يعتبر الكنيسة هي البديل، أو التتميم لإسرائيل، بحيث لم يَعُد الله يتعامل مع إسرائيل كأمة. لكن، في حين يخلُص القديسون في كل عصر بالنعمة وحدها بالإيمان وحده، تظل هناك اختلافات بين شعب الله.
على الجانب الآخر، يؤكد الفكر قبل الألفي المستقبلي وجوب بناء خطط عهود الله على فهم سليم للعهود الكتابية، ولكيفية تكشفها في تاريخ الخلاص. ليست دراسة العهود اللاهوتية ضرورية بما أننا نستطيع فهم برنامج عهود الله من خلال العهود الكتابية. هذه المنهجية تتيح لنا فهم حقائق، مثل الخلاص بالنعمة وحدها بالإيمان وحده لجميع الذين يؤمنون، لكن مع إدراك وجود فواصل بين إسرائيل والأمم، والكنيسة من حيث الهوية، والبنية، والوظيفة.