أثيناغوروس (أو أثينا غوروس – أثيناغورس) عميد مدرسة إسكندرية المسيحية، من رجال القرن الثاني الميلادي.
Ἀθηναγόρας ὁ Ἀθηναῖος (133-190)
هذا المُدافع الكبير تميّزت لغته بأناقة التعبير، وبرهافة الذوق الأدبي، وبدقة الملاحظة، وبالعمق الفلسفي الذي ورثه عن أسلافه الإغريقيّين: سقراط وأفلاطون وأرسطو.
لا نعرف الكثير عن حياته، لكنه كان فيلسوفًا يرأس إحدى كراسي الأكاديمية “الموزيم Museum” بالإسكندرية، أكبر مدرسة فلسفية علمية في الشرق في ذلك الحين، تنافس مدرسة أثينا، وكان يعتبر من أساطين الديانة الوثنية، أولع بالبحث في الديانة المسيحية كغيره من الفلاسفة الأفلاطونيين طمعًا في كشف أخطائها وإظهار فسادها، وإذ أراد أن يضرب بسهام نقده بكل قوة، عكف على دراسة الكتاب المقدس، ولكن الروح القدس أمسك به بقوة وعوض أن يخرج مجلداته ضد الإيمان المسيحي، إذ به ينجذب للإيمان حوالي عام 176. وإذ قَبِل المعمودية والتصق بالمسيحيين أدرك سمو الحياة الإنجيلية، فكتب دفاعه عن المسيحية والمسيحيين.
لشخصية أثيناغوراس Athenagoras أهمية خاصة، فهو أول فيلسوف أهلته غيرته الشديدة واجتهاده في الدراسة أن يصير عميدًا لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية، دون أن يخلع عنه زِيّ الفلاسفة The philosopher Pallium، ويعتبر أول مسيحي معروف حمل مع إيمانه حنوًا نحو الفلسفة.
لم يكن صاحب مذهب فلسفي، لكنه كان صاحب منطقٍ قلّ مثيله، طرح من خلاله براهينه العقلية على وحدة الله، شارحًا العلاقة الوطيدة بين أشخاص الثالوث الأقدس: الآب والابن والروح القدس.
ولهذا أطلق عليه معاصروه تسمية «الفيلسوف الأثيني المسيحي» دون منازع. ورغم أن المؤرخين لم يستفيضوا في الكتابة عنه، غير أنّ ما وصلنا منه يعطي صورة واضحة عن حكمته واعتداله وحذره ووضوحه وجمال أسلوبه الأدبي الذي تفوّق فيه على معاصره يوستينوس الروماني.
كتاباته:
وضع العلامة أثينا غوراس عملين هامين هما: التماسه أو شفاعته (إبريسفيا) عن المسيحيين وآخر عن القيامة من الموت. تلمس في كتابَاته العقل الفلسفي الذي هذبته الثقافة اليونانية مع ملكة رائعة في الكتابة. قال عن Donaldson “أنه اقتبس شعرًا (يونانيًا) لكن الهدف كان واضحًا نصب عينيه، لم يستعرض قط إمكانياته، ولا يشتت ذهن قارئه”.
كتابه «استرحام من أجل المسيحيين» آية أدبية، دقيق البحث والمنطق، مدعومًا ببراهين أقنعت كثيرين من أبناء أمتّه وجعلتهم يعتنقون الدين المسيحي، ويجاهرون به بين أقرانهم وأصدقائهم وأبناء لغتهم. وما الحكمة التي تميّز بها سوى خلاصة معاناة عاشها في النصف الثاني من القرن الثاني المسيحي، بعد أن كان الاضطهاد يلاحق جميع الذين آمنوا بالمسيح وراحوا يبشرّون بتعاليمه.
وعندما تحدّاه بعض المفكرين بقولهم إن المسيحيين هم ملحدون، أجاب بكل وضوح: «إنهم يتهموننا بأننا ملحدون فلهم نقول: لا رغبة لنا سوى معرفة الله الحقيقي، ومعرفة كلمته، ومعرفة وحدة الابن مع الآب، ومعرفة شركة الآب مع الابن، ومعرفة الروح، ومعرفة الوحدة القائمة بين الأقانيم الثلاثة: الروح القدس، والابن، والآب» (استرحام من أجل المسيحيين، 12).
هذا كان إيمانه، وهذه كانت قناعته، وهذا ما دافع عنه طوال حياته في مؤلفاته التي لم يصلنا منها سوى كتابين: «استرحام من أجل المسيحيين»، و«حول قيامة الموتى».
البعض. إنهم مخلوقات الله وخدّامه: «يوجد عدد كبير من الملائكة هم خدّام الخالق صانع العالم، قد كلّفهم الله، بواسطة كلمته الذي أتى من قبله، ليهتمّوا بجميع عناصر هذا الكون، وبالسماوات، وبهذا العالم، وبكل ما فيه، ليبقى متوازنًا ومنسجمًا» (الاسترحام، 10).