المصدر الرئيسي الذي يعرفنا ببدايات البوذية هو القصص الأسطورية عن مؤسسها جوتاما، وقد كتبت تلك القصص بعد موته بقرون. لما كان جوتاما قد نشأ في عائلة ملكية في شمال الهند في القرن السادس قبل الميلاد، شعر بحزن عميق لما رآه من ألم حوله وصمم على البحث عن إجابة. وبعد الكثير من الأسفار والبحث، وفي 530 قبل الميلاد اختبر ما يصفه البوذيون “بالاستنارة” في إحدى فترات التأمل تحت شجرة بوذا. ومن هنا جاء – الاسم بوذا – ويعني “المستنير”. اعتقد بوذا أنه بدأ في فهم علاج الألم الإنساني فعبر عنه فيما يسمى “بالحقائق الأربع السامية، وهي:
– الألم حقيقة إنسانية عامة.
– السبب في الألم والمعاناة هو الرغبة أو الشهوة.
– علاج الألم يكمن في التخلص من الرغبة.
– يتم التخلص من الشهوة باتباع “الطريق الثماني”.
يتكون الطريق الثماني من: النظرة السليمة، والطموح السليم، والكلام السليم، والسلوك السليم، والعمل السليم، والمجهود السليم، والانشغال الذهني السليم، والتأمل السليم. القيمة العظمى التي تعبر عنها كل من هذه الجوانب هي الانسجام. وأكثر ما ترتبط به سلامة هذه الأمور هي أن نقبل مكانتنا في هذه الحياة وألا نحاول تخطيها مما يحفظ الانسجام الاجتماعي ويُفترض أن هذا يضع حدًا للرغبة التي هي مصدر الألم.
من المعتقدات البوذية الأخرى، وهي تشبه الهندوسية، هي الواحدية (جميع الحقائق شيء واحد في النهاية) والكارما وتناسخ الأرواح (انظر المقال الذي يتناول الهندوسية). يمكن تحقيق النيرفانا (الاستنارة) عن طريق عودة التجسد مرة أخرى بعد الممات، والأعمال الصالحة وضبط النفس، إلا أنك لن تستطيع أن تثق أن عملك كاف للوصول إليها.
تختلف البوذية عن الهندوسية في جانبين أساسيين. أولًا، ترفض البوذية نظام الطبقات. ثانيًا، ليس للبوذية رأي رسمي يؤكد أو ينفي حقيقة وجود إله بأي شكل من الأشكال. يقال إنه حينما كان يسأل تلاميذ بوذا معلمهم عن الله كان رده عليهم هو الصمت المطلق.
تركز هذه الديانة على البشر والمأساة الإنسانية أكثر من الله. غير أن ناجارجوما تلميذ جوتاما كان أول من نادى بفكرة أنه من الممكن اعتبار شخصيات بوذا آلهة خارقة. ومن هنا أصبحت البوذية ديانة متعددة الآلهة، وهو ما لم يقصده جوتاما بفلسفته. تطور عبر الزمن تياران للبوذية، فظهرت بوذية ثيرافادا في سيريلانكا وبورما وكمبوديا وتايلاند، وهي تعلم بأن بوذا كان رجلًا مستنيرًا استطاع عن طريق المجهود الذاتي أن يعلم الآخرين كيف يصلون للنيرفانا من خلال الانسحاب الواحدي (أي نحو الواحد) وتطبيق قواعده. كذلك يوجد بوذية الماهيانا، وهي تعتبر بوذا وبوذهيساتفاس (بوذا المستقبل) كائنات إلهية تستطيع أن تخلص إذا آمن بها الشخص.
ومن الناحية العملية اختلط كلا التيارين من البوذية في الوقت الحاضر بالديانات الشعبية، وانتشرت فكرة إرضاء الكثير من الأرواح.