Description

كان “دافيد ليفينجستون” David Livingstone بطل إنجلترا الفيكتورية، وظل بطلًا لعدة أجيال لاحقة. ورغم أن ما قام به “ليفينجستون” من عمل مرسلي كان يسيرًا لكن تأثيره في مجال الإرساليات الإفريقية لم يضاهه أي تأثير.
وُلد “دافيد ليفينجستون” (19مارس 1813 – 1مايو 1873) في اسكتلندا ونشأ في بيئة متواضعة، إلا أن ذكاءه المتوقد ورغبته في التعلم التي لم تكن تعرف الاكتفاء دَفعته لارتقاء مكانة أعلى في الحياة. فلم يمنعه عمله الذي بدأه في سن العاشرة في مصنع نسيج، حيث كان يعمل أربع عشرة ساعة يوميًا، عن مواصلة تعليمه. فاشترى كتابًا في قواعد اللغة اللاتينية بأجر أول أسبوع في العمل، وواصل تعليمه في فصول مسائية.
نشأ “ليفينجستون” في أسرة تقية ملتزمة بالكنيسة، وبعد أن آمن بالمسيح بدأ يحلم بأن يكون طبيبًا مرسلًا إلى الصين، ولكن صعوبة ظروفه العائلية أخّرته عن مواصلة تعليمه. وأخيرًا في عام 1840 وهو في سن السابعة والعشرين أصبح جاهزًا لبدء عمله المرسلي بعد أن أنهى دراسة كل من اللاهوت والطب.
قبلت جمعية لندن المرسلية الطلب الذي تقدم به سنة 1839، ولكن أحلامه بالسفر إلى الصين تبددت نتيجة لسوء العلاقات السياسية بين بريطانيا والصين، ورأى المسئولون في الجمعية أنه يجب أن يذهب إلى غرب الأنديز بدلًا من الصين، ولكنه تعرَّف في ذات الوقت على شخص جذب انتباهه وأدهشه، هو “روبرت موفات” ذلك المرسل المحنك لإفريقيا (الذي ستزوج أبنته لاحقًا).
أبحر “ليفينجستون” إلى إفريقيا تملؤه تطلعات عظيمة في ديسمبر 1840. وبعد أن قضى ثلاثة عشر أسبوعًا في دراسة اللغة على متن السفينة، وصل إلى “كيب تاون” بجنوب أفريقيا في مارس 1841.
أصبحت “مابوستا” أول موطن إفريقي للمرسل “ليفينجستون” حيث سكن في بيت فسيح بنوافذ زجاجية، وواجه هناك لأول مرة مخاطر الغابة الإفريقية المستديمة، وبينما كان يشارك في صيد الأسود هاجمه أحدها وأصيب بجروج بالغة من خربشة ذراعه اليسرى إصابة شديدة للغاية لازمته طيلة حياته.
وفي مايو 1844، تقدّم لخطبة إحدى الفتيات. ثم كتب ذلك العام لأحد أصدقائه يقول “يبدو أني سأرتبط أخيرًا بالآنسة “موفات” التي وصفها قبل ذلك لصديق آخر بأنها “صلبة واثقة من نفسها” وبأنها “امرأة عملية”. وعاشت الأسرة لمدة سبع سنوات في إفريقيا حياة أشبه بحياة البدو الرحل.
وسنة 1852 أدرك “ليفينجستون” أن الرحلات الاستكشافية في إفريقيا ليست مكانًا ملائمًا لأم وأطفال صغار. ودّع “ماري” والأطفال في مارس 1852 من “كيب تاون” في طريق عودتهم إلى إنجلترا.
وقد أخذته أولى رحلاته الاستكشافية وأعظمها عبر القارة في نهر الزمبيزي، ثم ذهب إلى قبيلته المفضلة، قبيلة “الماكولولو” Makololo حيث استعان بالبعض منهم ليرافقوه في رحلته الاستكشافية. فبدؤوا في وسط إفريقيا وتابعوا مجرى النهر في اتجاه الشمال الغربي حتى الساحل في “لواندا” Luanda. وبالرغم من أنه كان مستكشفًا في المقام الأول، فلم يتخلَ مطلقًا عن التبشير، فكان يحمل معه “فانوسًا سحريًا” (شكل قديم من آلة عرض الشرائح) وصورًا لمشاهد كتابية. وبعد ستة شهور من السفر المضني، أصبح هو ورجاله من صناع التاريخ عندما خرجوا إلى الساحل أحياء.
وعند عودته إلى إنجلترا في ديسمبر 1856 بعد خمسة عشر عامًا في إفريقيا، أُعلن بطلًا قوميًا. فقبل عودته إلى إفريقيا سنة 1858 قطع صلته بجمعية لندن المرسلية، وقبل تكليفًا من الحكومة البريطانية أتاح له المزيد من الأموال والمعدات.
عاد “ليفينجستون” إلى إنجلترا سنة 1864 ولكنه لم يحظَ هذه المرة بذات الحفاوة التي حظى بها في المرة الأولى.
وفي عام 1865 رجع “ليفينجستون” إلى إفريقيا لآخر مرة ليبدأ رحلته الاستكشافية الثالثة والأخيرة، وكان غرضه هذه المرة اكتشاف منابع النيل.
وفي 1 مايو 1873 وجد خادم إفريقي “السيد” راكعًا كأنه يصلي “على حافة سريره وجسمه ممدد للأمام ورأسه مدفون بين يديه على الوسادة.” يا لها من ميتة تلائم هذا الرجل الأسطورة الحية.
وكان لوفاة “دافيد ليفينجستون” أثر نفسي عميق على العالم الناطق بالإنجليزية، فقد تأججت الحماسة للعمل المرسلي وأخذ الشبان والشابات الغيورون يتطوعون للعمل حول العالم مهما كانت التكلفة.
المصدر: إلى أقصى الأرض، روث أ. تكر. ص195-204.

Gallery

Add Review & Rate

Be the first to review “دافيد ليفينجستون”