Description

تأتي عبارة العلمانية ترجمة للفظ (Secularism) المرتبط أساسًا بالدلالة على الأرضي والناسوتي أو الدنيوي والعالمي في مقابل الديني والروحي والكهنوتي.
المصطلح في العربية
العَلْمانية في العربيّة منسوبة إلى «عَلْم» على غير قياس بمعنى عالم، كذلك عالمانية مشتقة من «عالم»، مع ذلك «علمانية» هو المصطلح الأكثر رواجًا واستخدامًا في العالم العربي خصوصًا من قِبل العلمانيين أنفسهم.
جاء في المعجم الوسيط: “العَلمانيّ نسبة إلى العَلْم بمعنى العالم، وهو خلاف الديني أو الكهنوتي” (مجمع اللغة العربيّة، 2004، ص 624).
أمّا في اللغات السامية في السريانية تشير كلمة ܥܠܡܐ (نقحرة: عَلما) إلى ما هو مُنتمٍ إلى العالم أو الدّنيا، أي دون النّظر إلى العالم الرّوحي أو الماورائيّ، وكذلك الأمر في اللغة العبرية: עולם (نقحرة: عُولَم) والبابليّة وغيرهم؛ وبشكل عامّ، لا علاقة للمصطلح بالعلوم أو سواها، وإنّما يشير إلى الاهتمام بالقضايا الأرضيّة فحسب.
المصطلح في الإنجليزية
يتكون secularism من مقطعين secular+ism وقد أتت secular من الفرنسية القديمة seculare والتي أتت بدورها من اللاتينية المتأخرة saecularis بمعنى عالمي، أو يتعلق بجيل أو عصر، والتي أتت من اللاتينية الكلاسيكية saeculum بمعنى العصر، المدى الزمني، العمر، الجيل، سلالة.
وتقدِّم دائرة المعارف البريطانية تعريف العلمانية بأنها: «حركة اجتماعيّة تتّجه نحو الاهتمام بالشّؤون الدُّنيويّة بدلًا من الاهتمام بالشّؤون الآخروية. وهي تُعتبر جزءًا من النّزعة الإنسانيّة الّتي سادت منذ عصر النهضة؛ الدّاعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به، بدلاً من فرط الاهتمام بالعُزوف عن شؤون الحياة والتّأمّل في الله واليوم الأخير.
 ويمكن توسيعها إلى موقف مماثل فيما يتعلق بالحاجة إلى إزالة أو تقليل دور الدين في أي مجال عام. تختلف مبادئ العلمانية باختلاف أنواعها، فقد تعني عدم قيام الحكومة أو الدّولة بإجبار أيّ أحدٍ على اعتناق وتبنّي معتقدٍ أو دينٍ أو تقليدٍ معينٍ لأسباب ذاتيّة غير موضوعيّة. كما تكفل الحقّ في عدم اعتناق دينٍ معيّنٍ وعدم تبنّي دينٍ معيّنٍ كدينٍ رسميٍّ للدّولة، وحماية الدولة للأقليات الدينية ومساواتهم بباقي المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو المذهب. وبمعنى عامّ، فإنّ هذا المصطلح يشير إلى الرّأي القائِل بأنّ الأنشطةَ البشريّة والقراراتِ -وخصوصًا السّياسيّة منها- يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المُؤسّسات الدّينيّة.
تعود جذور العلمانية إلى الفلسفة اليونانيّة القديمة، لفلاسفة يونان أمثال إبيقور (311 ق.م-270 ق.م)، غير أنّها خرجت بمفهومِها الحديث خلال عصر التّنوير الأورُوبّيّ بدءًا من عام 1685م؛ بسبب حرب الثلاثين عامًا (1618م-1648م) بين الكاثوليك والبروتستانت، والتي أدت لمقتل 8 مليون شخص أي ما يقرب من ربع أو ثلث سكان أوروبا آنذاك، مما جعل بعض المفكرين يبحثون عن طريقة للتخلص من الصراعات والحروب الدينية والطائفية عبر حياد الدولة تجاه الدين، وفصل السلطة السياسية عن المؤسسات الدينية، وقد نشأت على يد عددٍ من مفكّري عصر التنوير من أمثال جون لوك ودينيس ديدرو وفولتير وباروخ سبينوزا وجيمس ماديسون وتوماس جفرسون وتوماس بين وعلى يد عدد من أعلام الفكر الحر خلال العصر الحديث من أمثال بيرتراند راسل وكريستوفر هيتشنز.
وليست هذه العبارة غريبة عن الاستعمال العربي القديم، إذ نجدها مثلًا مع ساويرس ابن المقفع المصري في القرن االرابع الهجري/العاشر الميلادي في كتابه مصباح العقل، يستعملها للتعبير عن الإنسان العادي أو العامي (المدني) في مقابل الأسقف أو رجل الدين (ابن المقفع، 1978، ص 95). وهو المعنى نفسه الذي نجده منذ عهد الرومان في عبارة (Secularism). ومع عصر الأنوار والنهضة الأوروبيّة راجت فكرة العلمانيّة وأضحت هاجسًا يسكن مختلف أشكال الفكر الرافض لهيمنة الكنيسة وتعاليمها، واتسعت دائرتها فباتت تعني تحرّر المجتمعات وثقافاتها ومختلف القطاعات المرتبطة بها من سلطة المؤسسات والرموز الدينيّة، واحتكامها إلى سلطة الفكر البشري الحرّ. وكانت من ثمّ مؤشّرًا على ضمور الروحي والمقدّس مقابل الإعلاء من شأن الإنسان وعقله وحرّيّته واستقلاليّته عبر السيرورة التاريخيّة.
الدولة العلمانية:
هي ضد الثيوقراطية، وبالتالي تعتبر حكمًا مدنيًا، وإن كان من الممكن وجود علمانية – عسكرية. ولا يحدد كون الدولة علمانية بدين الدولة بمقدار ما يحدده طبيعة دور رجال الدين في الدولة. الثيوقراطية كنظام حكم، هي حكم طبقة من رجال الدين إما نتيجة حق إلهي أو نتيجة «حفظ الشريعة» الإلهية، وتكون إما مباشرة عن طريق إدارتهم للدولة مباشرة، أو غير مباشر عن طريق الحق بتمرير أو الاعتراض على التشريع والإدارة. غالبًا، ما يشكل رجال الدين في الدول غير العلمانية طبقة أو هيئة ذات صلاحيات، وتكون «سلطة غير منتخبة، وربما وراثية، وغير كفوءة، بل ومطلقة غير مقيدة في الغالب، ووضع السلطة المطلقة في يد طبقة واحدة، مفسدة مطلقة». يمكن وضع العديد من الأمثلة التاريخية حول التحالف بين السلطة ورجال الدين، ودفاع رجال الدين عن مصالحهم ومصالح الطبقة السياسية باسم الدين:
المراجع
ابن المقفع، ساويرس. (1978). كتاب مصباح العقل. (تقديم وتحقيق، الأب سمير خليل). القاهرة: مطبعة دار العالم العربي.
القاسمي، فتحي. (1994) العلمانيّة وانتشارها غربًا وشرقًا. (ط.1). تونس: الدار التونسيّة للنشر.
مجمع اللغة العربيّة. (2004). المعجم الوسيط. ط.4. مصر: مكتبة الشروق الدولية.
المسيري، عبد الوهاب. (2002). العلمانيّة الجزئيّة والعلمانيّة الشاملة. (ط.1). القاهرة: دار الشروق.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9#cite_note-65

Gallery

Add Review & Rate

Be the first to review “العلمانيّة”