إهود بن جيرا: قاضي إسرائيل الذي حرر شعبه من الموآبيين
قاضٍ إسرائيلي من سبط بنيامين، يُعرف ببراعته وحيلته في تحرير شعبه من قبضة عجلون ملك موآب. قصته مذكورة في سفر القضاة، الأصحاح الثالث.
اسمه: اسم إهود بن جيرا يحمل دلالات ومعاني عميقة تعكس شخصيته وقصته الفريدة، فإهود: اسم عبري يُعتقد أنه يعني “اتحاد” أو “واحد”. بعض التفاسير تشير إلى أنه قد يكون مشتقًا من كلمة تعني “القوة” أو “القدرة”. في سياق قصة إهود، يمكن ربط هذه المعاني بفكرة توحيد بني إسرائيل تحت قيادته لتحرير أنفسهم، أو بالقوة التي أظهرها في تنفيذ مهمته. أما والده (جيرا) في العبرية قد تشير إلى “غريب” أو “المهاجر”، أو قد تكون مرتبطة بمعنى “التحرك” أو “التنقل”. لا توجد دلالة واضحة ومباشرة لاسم “جيرا” تؤثر بشكل كبير على فهمنا لشخصية إهود نفسه، ولكنها مجرد إشارة إلى نسبه.
ويتصف إهود أنه “أشول اليد اليمنى” وهي تعني حرفيًا “رجل يده اليمنى مربوطة” أو “معوَّق في يده اليمنى”، وهو ما يُفهم على أنه أعسر. هذه الصفة هي التي مكنت إهود من تنفيذ حيلته الذكية ضد عجلون ملك موآب. فالسيف الذي كان مخبأً على فخذه الأيمن لم يكن ليثير الشك لأنه كان أعسر ويُتوقع منه استخدام يده اليسرى.
من هو إهود؟
إهود هو شخصية بارزة في فترة القضاة، وهي حقبة في تاريخ إسرائيل القديم شهدت قيام قادة محليين بتحرير الشعب من الاضطهاد الأجنبي. اسمه الكامل “إهود بن جيرا البنياميني”، ويُشار إليه بكونه أشول اليد اليمنى، مما يعني أنه كان أعسر. هذه الصفة، التي قد تبدو عادية، لعبت دورًا حاسمًا في نجاح مهمته.
سياق الأحداث: عاش بنو إسرائيل تحت حكم عجلون ملك موآب لمدة ثماني عشرة سنة. كان عجلون ملكًا “سمينًا جدًا”، وفرض سيطرته على بني إسرائيل، مما دفعهم إلى الصراخ إلى الرب طالبين الخلاص. استجاب الرب لدعائهم وأقام لهم مخلصًا: إهود بن جيرا.
المهمة والحيلة: كُلّف إهود بتقديم جزية (هدية) إلى عجلون ملك موآب. أعدّ إهود سيفًا ذا حدين، قصيرًا، وربطه تحت ثيابه على فخذه الأيمن. هذه كانت الحيلة الأولى: كونه أعسر، لم يشك حراس الملك في أن السيف كان مخبأً على جانبه الأيمن (المعتاد للأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى لحمل السيف).
بعد تقديم الجزية، صرف إهود الحاشية وعاد وحده إلى عجلون، مدعيًا أن لديه “كلمة سرية” للملك. عندما أُخليت الغرفة، اقترب إهود من عجلون، الذي كان جالسًا في علّيته الصيفية.
قال إهود: “عندي كلمة الله لك.” قام عجلون عن كرسيه احترامًا، وهنا كانت اللحظة الحاسمة. مد إهود يده اليسرى وسحب السيف من فخذه الأيمن وطعن به عجلون في بطنه بقوة، حتى غاص النصل في لحم الملك الدهني. لم يسحب إهود السيف، بل تركه في جسد الملك، وخرج بهدوء من الغرفة، ثم أغلق أبواب العلية وقفلها بالمفتاح.
النصر والتحرير ظن خدم عجلون أن الملك يقضي حاجته في علّيته، فانتظروا طويلاً. عندما لم يخرج، فتحوا الأبواب بالمفتاح ووجدوا سيدهم ميتًا على الأرض. في هذه الأثناء، كان إهود قد هرب إلى سعيرة، ومن هناك أطلق بوقًا في جبال أفرايم ليجمع بني إسرائيل. قاد إهود الجيش الإسرائيلي لمهاجمة الموآبيين، الذين كانوا لا يزالون في حالة صدمة بعد موت ملكهم.
هاجم الإسرائيليون موآب عند مخاضات الأردن، وقتلوا حوالي عشرة آلاف رجل موآبي، ولم يفلت منهم أحد.
بفضل شجاعة وحيلة إهود، حُررت أرض إسرائيل من سيطرة موآب، وعم السلام في الأرض لمدة ثمانين سنة. تُعتبر قصة إهود مثالاً على كيف يمكن للضعيف، أو من يُنظر إليه على أنه غير تقليدي (مثل كونه أعسر)، أن يستخدم مواهبه الفريدة بطرق غير متوقعة لتحقيق النصر وتحقيق مشيئة الله.