Description

1. معلومات شخصية وتفاصيل الميلاد والوفاة:
الاسم الكامل: أبو زكريا يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا المنطقي التكريتي.
تاريخ ومكان الميلاد: وُلد في تكريت، وهي مدينة تقع اليوم في محافظة صلاح الدين بالعراق، وذلك عام 893 ميلادي (الموافق 280 هجري تقريبًا). كانت تكريت في ذلك الوقت مركزًا ثقافيًا مسيحيًا مهمًا، خاصةً للمسيحيين اليعاقبة (السريان الأرثوذكس).
الوفاة: تُوفي في بغداد، عاصمة الخلافة العباسية، عام 974 ميلادي (الموافق 363 هجري). قضى معظم حياته العلمية في بغداد التي كانت مركزًا للعلم والفلسفة في عصره.
الانتماء الديني والطائفي: كان يحيى بن عدي مسيحيًا يعقوبيًا (سريانيًا أرثوذكسيًا). هذه الطائفة المسيحية الشرقية كانت لها حضور قوي في العراق وسوريا في تلك الفترة، واشتهرت بحرصها على العلم والفلسفة، خاصةً الفلسفة اليونانية.
2. أساتذته وتلاميذه:
أستاذه الرئيسي: كان تلميذًا نجيبًا للفيلسوف الكبير أبو نصر الفارابي، الذي يُعتبر أحد مؤسسي الفلسفة الإسلامية و “المعلم الثاني” بعد أرسطو. تأثر يحيى بن عدي بالفارابي بشكل كبير في منهجه الفلسفي والمنطقي.
تلاميذه: كان ليحيى بن عدي العديد من التلاميذ الذين حملوا لواء الفلسفة بعده، ومن أبرزهم:
أبو سليمان المنطقي السجستاني: فيلسوف وعالم منطق مهم.
عيسى بن علي: ابن أخيه، وكان أيضًا مترجمًا وفيلسوفًا.
أبو الخير بن الخمار: طبيب وفيلسوف مسيحي.
3. أعماله (المؤلفات والترجمات)
اشتهر يحيى بن عدي بغزارة إنتاجه في الترجمة والتأليف، ويمكن تقسيم أعماله إلى:
أ. الترجمات من اليونانية إلى العربية: كان من أبرز المترجمين في عصره، وشكّلت ترجماته إضافة قيّمة للمكتبة العربية. ركّز بشكل خاص على أعمال أرسطو وشارحيه، وبعض أعمال أفلاطون:
أرسطو: ترجم العديد من أعماله المنطقية والطبيعية والإلهية، منها:
كتاب “السماع الطبيعي” (الفيزياء) لأرسطو.
جزء من كتاب “ما بعد الطبيعة” (الميتافيزيقا).
كتاب “الجدل” (الطوبيقا).
كتاب “الشعر” (فن الشعر)، وبعض أجزاء من “الخطابة”.
أفلاطون: ترجم أجزاء من محاوراته مثل “القوانين” و “الجمهورية” و “طيماوس”.
فرفوريوس الصوري: ترجم “إيساغوجي” (المدخل) لفرفوريوس، وهو شرح لمقولات أرسطو وأحد أهم النصوص المنطقية التي درسها الفلاسفة العرب.
ثاوفرسطس وأفرديسياس: ترجم وشرح بعض أعمال شراح أرسطو.
مؤلفات طبية: ترجم كذلك بعض الأعمال الطبية.
ب. المؤلفات الأصيلة: ألّف يحيى بن عدي العديد من الرسائل والكتب في الفلسفة والمنطق واللاهوت والأخلاق، والتي تعكس منهجه الفلسفي العميق وتفاعله مع التيارات الفكرية في عصره:
في المنطق: كان له مؤلفات في المنطق الصوري والشروح على المنطق الأرسطي.
في الأخلاق: من أشهر مؤلفاته “تهذيب الأخلاق”، وهو كتاب مهم في الفلسفة الأخلاقية.
في الميتافيزيقا: رسائل ومقالات في الوجود والإلهيات.
في اللاهوت المسيحي والدفاع عن المسيحية: كتب العديد من الردود والمقالات التي تدافع عن العقيدة المسيحية ضد الشبهات والانتقادات التي وجهت إليها من قبل بعض المفكرين المسلمين في عصره. من أبرزها “مقالة في بيان أن النصرانية ليست نسبة إلى الشرك بالله”.
4. تأثيره:
كان تأثير يحيى بن عدي واسعًا ومتعدد الأوجه:
نقل المعرفة اليونانية: كان من أهم جسور نقل الفكر اليوناني إلى الحضارة الإسلامية، مما أثرى الفلسفة والعلوم العربية والإسلامية بشكل كبير. فقد أصبحت ترجماته مرجعًا أساسيًا لدراسة الفلسفة اليونانية.
تطوير الفلسفة العربية: أسهم في ترسيخ المنهج المنطقي والفلسفي الأرسطي في الفكر العربي، وساعد في بلورة المفاهيم الفلسفية باللغة العربية. كان عمله حجر زاوية في استمرار التقليد الفلسفي بعد الفارابي.
الفكر المسيحي العربي: كان له دور محوري في الفكر المسيحي العربي في العصور الوسطى، حيث حافظ على التراث الفلسفي اليوناني بين المسيحيين، وقدم تأصيلًا فلسفيًا للاهوت المسيحي في سياق الثقافة الإسلامية.
الحوار الفكري: أسهم في إثراء الحوار الفكري بين المسلمين والمسيحيين، من خلال كتاباته اللاهوتية والفلسفية، والتي كانت تتناول أحيانًا نقاط الاختلاف وتشرح وجهات النظر المختلفة.
5. محاوراته مع المخالفين ونتاج هذا الحوار:
نعم، انخرط يحيى بن عدي في حوارات فكرية ومناظرات مع علماء وفلاسفة مسلمين، وأحيانًا مع مفكرين من ديانات أخرى. كانت هذه المحاورات جزءًا طبيعيًا من المشهد الفكري في بغداد في تلك الفترة، حيث كانت هناك حرية نسبية في التعبير وتبادل الأفكار.
طبيعة الحوارات: كانت المحاورات غالبًا ما تدور حول قضايا فلسفية (مثل طبيعة الوجود، النفس، العقل، الكون) وقضايا لاهوتية (مثل التوحيد، التجسد، النبوة، الثالوث).
مع من كانت: كان يتحاور مع أبرز علماء الكلام والفلاسفة المسلمين في عصره، دون أن يذكر نص صريح حول تحديد الأسماء، لكن كتاباته تشير إلى حوارات دائمة مع من يخالفونه.
نتاج هذا الحوار:
إيضاح المواقف: ساعدت هذه الحوارات في إيضاح المواقف الفلسفية واللاهوتية لكلا الطرفين، وتقديم حجج كل منهما.
تطوير الفكر: دفعت هذه المناقشات كلا الطرفين إلى تعميق فهمهما لمسائلهما وصقل حججهما، مما أثرى الفكر الفلسفي واللاهوتي بشكل عام.
تأليف الردود: أدت هذه المحاورات إلى تأليف يحيى بن عدي لرسائل وكتب مخصصة للرد على اعتراضات وشبهات معينة حول المسيحية، أو لتوضيح وجهة نظر مسيحية في قضية فلسفية أو لاهوتية. على سبيل المثال، رسالته “مقالة في بيان أن النصرانية ليست نسبة إلى الشرك بالله” هي خير دليل على هذا النوع من الحوار اللاهوتي.
الاحترام المتبادل: على الرغم من الاختلافات، فإن طبيعة هذه الحوارات غالبًا ما كانت تتسم بالاحترام الأكاديمي، مما يعكس مناخ التسامح الفكري النسبي في بغداد في العصر العباسي. لم يكن الهدف هو إقصاء الآخر، بل الفهم والمناقشة.
المرجع:
يحيى بن عدي حوار فلسفي وعقائدي /عايدة نصيف أيوب

Gallery

Add Review & Rate

Be the first to review “يحيى بن عدي: فيلسوف ومترجم ولاهوتي من العصر الذهبي”